أمير وحبة الشعير
أمير ولوع بحبّ اللَّـُعــبْ *** ويكــرهُ شتّى صنوفِ الكتبْ
يميل إلى اللّهو بين الحقول *** ويجري ويقـفز دون تعب
عن القسم دوما كثير الغياب *** وأُطرد يوما لسوء الأدب
مع الأصدقاء عنيف عنيد *** كثير الخصام شديد الغضب
أبوه وأمّه قد حــــــــذّراه ***مرارا لــسلكه درب الكـَــذِبْ
ولكنَّ واحسـْـرتَاهُ تَناسى *** جمــيع النّصائح دون سببْ
فأمسى مـــــــعدّلُه السنويّ *** ضعيفا تهاوى لأدنى الرّتب
*********************************************
أحسّ أمير بضيقٍ شـــــديدٍ *** وطـــــولِ السّآمة والمــللِ
فغاب عن الدّرس كالعادة *** وهبّ إلى الحقل فــي عجلِ
تهالك فورا على صخــرةٍ *** وظلّ يحــــدّق في الجدولِ
ويصغي بشوق لشدْو الكناري *** ولحنِ العنادلِ والبلبلِ
رأى نملةً قــــرب تلّ صغير*** تسير الــــهُوَيْنا بِلا كَلَلِ
تَجُرُّ وتَحْـــــــــمِلُ حبّةَ قمْحٍ *** تفُوق النّميلةَ في الثّــــقلِ
وسرعان ما سقطت في الحضيض*** فعادت إليها بلا ملل
و قامت بتنظــيف حبـّــــــتِها *** سريعا من الدّرْن والوَحَلِ
وجّدّت لرفـــــــــع مَؤُونَــتِها *** بِكُلّ تَفانٍ وَلاَ كَـــــــسَلِ
ولكنّ قَمحَتَها قَدْ هَــــــــــوَتْ *** بُعَيدَ ثَوَانٍ إلى الْأسْفلِ
فعادت على الفور ثالثة *** الى الجرّ والحمل في عجل
ومن بعد لأي وعزم كبير *** تراءت لها بسمة الأمل
******************************************
لقد شعر الطّفل في خـــجل *** بأقسى النّدامة والـحسرة
وساءل نفسه كيف تردّت؟ *** إلى الذّل والسّخط والغفلة
فسارع للنّاس مـــــعتذرا *** وعاد إلى الدّرس في همّة
ففـــــــــاق بعزمه أقرانَه *** وفاز بأفــــــــضل جائــزةِ
وعادت إليه مكانتــــــــه *** لدى الجار والفصلِ والأسرة
أحس أمير براحة صدر *** وبالعزّ والفـــــخر والنّشوة
وهذا التّــــــغيّر يغدو إلى *** دروس النّــــميلة والحــبّة
تأليف القصّة الشعر
محمد الفاضل سليمان تونس