جاسم محمد صالح
عدد المساهمات : 12 تاريخ التسجيل : 06/04/2008 العمر : 74 الموقع : العراق - بغداد
| موضوع: قصة الكتابة عند العراقيين القدماء الخميس 10 أبريل - 14:59 | |
| قصة الكتابة عند العراقيين القدماء
كانت اللغة الصورية أول لغة استعملها العراقيون القدماء ... فهم إذا أرادوا أن يكتبوا كلمة : (سمكة) رسموا صورة السمكة والسنبلة يرسمونها كذلك على شكل سنبلة , والطير كذلك والبستان يرسم على شكل مجموعة أشجار .
كان هذا قبل خمسة آلاف سنة أو أكثر , ولكن بعد أن تطور المجتمع واحتاج إلى أشياء أوسع لا يمكن التعبير عنها بالرسم كالفعل والصفات مثل : ( حزين ) و ( متعب ) ... الخ , فاهتدوا إلى رسم صور هذه الصفات , فالخوف يرمز له مثلا بصورة ( حيوان متوحش ) والشيء العالي يرمز له بصورة ( جبل ) والشيء المضيء جدا بـ( الشمس ) ... وسميت هذه اللغة بـ( اللغة الرمزية ) وهي مرحلة متطورة بالنسبة إلى (اللغة الصورية) , حيث تمكن العراقيون القدماء من خلالها من تدوين بعض احتياجاتهم اليومية والتجارية بشكل أكثر دقة ووضوحا.
بعد ذلك تطورت اللغة الرمزية إلى (كتابة مقطعية) حيث بدأت الكلمات تكتب على شكل مقاطع , والسبب في ذلك هو التوسع الكبير في مجال العلاقة التجارية والاقتصادية وعدم كفاية اللغة الرمزية لهذه الاحتياجات .
ثم دعت الحاجة فيما بعد لاستخدام أصوات الأشياء المادية المكتوبة بالصور لكتابة الكلمات بـ(الطريقة الصوتية) , فاستخدم السومريون القدماء الصور وأصواتها في كتابة الكلمات والجمل على هيئة أصوات, و بعد ذلك تمكنوا من جمع عدة أصوات ليكون كل واحد منها مقطعا وليس حرفا , لأنهم لم يصلوا بعد إلى الطور النهائي في استخدام الحروف الهجائية مثلا :
- إذا أرادوا كتابة اسم رجل اسمه ( كوراكا ) فإنهم يرسمون (صورة الجبل) لان لفظ الجبل بالسومرية ( كور ) ثم يرسمون بجنبها خطين يمثلان موجات الماء للدلالة على صوت ( ا ) وهو الماء بالسومرية , ثم يرسمون صورة مختصرة للفم الذي يلفظ بالسومرية ( كا ) فتكون الكلمة ( كور – ا – كا ).
بعد ذلك استمرت الكتابة بالتطور والتحسن حتى استعملت كتابة حروفها تشبه المسمار وكانت تكتب بقلم مثلث رأسه , حيث يغرز في الطين , وكانت لهذه اللغة خمسة أشكال من الرموز فقط , ولا يمكن استعمال غيرها .
بعد ذلك انتشر (الخط المسماري) من بلاد وادي الرافدين إلى أقطار مجاورة كثيرة كمصر وبلاد إيران والخليج العربي .
إن الخط الاكدي والبابلي والآشوري والعيلامي قد اشتقت كلها من (الخط المسماري) السومري , و لكن بعد فترة طويلة وبعد ضعف الدولة السومرية وبعدها ضعف الدولة البابلية وسقوطها على يد الأعداء القادمين من (بلاد عيلام) المجاورة , بطل استعمال ( الخط المسماري) وتركه الكتاب وأصبح لغزا مبهما حتى وقت قريب, حين عثر السياح الذين زاروا الشرق على ألواح من الحجر مكتوبة بهذه اللغة وظنوها في أول الأمر زخرفة , إلا أن بعضهم قد تنبه إلى أن هذه الرموز عبارة عن لغة قديمة , وإنها تكتب من الشمال إلى اليمين , وإنها لغة مقطعية , ووجد بعض السياح آثارا مهمة دونت فيها أخبار الملك ( دارا ) مكتوبة بثلاث لغات هي : الفارسية القديمة , والعيلامية , والبابلية .
وبعد المطابقة والدراسة المعمقة بين هذه اللغات الثلاث تمكن العلماء المتخصصون من معرفة أسرار اللغة المسمارية, وبذلك تمكنوا من معرفة تاريخ العراق القديم وحضارته وقراء الرقم الطينية التي وصلتنا من تلك العصور والتي من أشهرها مكتبة الملك الأشوري بانيبال .
| |
|