يحكى أنه كان هناك ثعلب ماكر ، يعيش في بستان صغير مليء بالعنب والتين ، وكان ينتظر قدوم الظلام لكي يخرج من وكره ، ويسطو على البستان ، ويأكل ما لذ وطاب من العنب والتين ، دون أن يشعر به الفلاح المسكين صاحب البستان .
وذات يوم ، وبينما كان الثعلب مستلقياً تحت أشعة الشمس ينتظر حلول الظلام ، مرّ به ثعلب هزيل يجرّ رجليه بصعوبة من شدة الجوع ، فاستوقفه الثعلب وسأله :
ـ ما بك يا صديقي ؟ لماذا أنت على هذه الحال ؟
فشكا الثعلب الهزيل من الجوع ، وما يلقاه في سبيل الحصول على لقمة العيش .
هدّأ الثعلب الذكي من روعه ، وقال له :
ـ لا تحزن يا صديقي ، سأدلك على بستان جميل تجد فيه ما لذ وطاب لك من الطعام ..
فرح الثعلب الهزيل وانتظر مع صديقه إلى حين حلول الظلام ، وعندئذ قال الثعلب السعيد لصديقه :
ـ الآن بإمكاننا أن نذهب إلى البستان بكل سهولة ، ولكن إياك أن تحدث ضجة فيحسّ بنا أهل القرية .
وانطلق الثعلبان يسيران بخفة وحذر شديدين ، وعندما وصلا إلى البستان قال الثعلب لصديقه :
ـ تفضل أيها الصديق ، هذا هو مطعمي المفضل ، وسوف ندخل من هذه الفتحة الضيقة .
عندما رأى الثعلب الضيف البستان لم يصدق عينيه ، وهجم يأكل بنهم ، فالتفت إليه الثعلب المضيف قائلاً :
ـ لا تأكل كثيراً يا صاحبي ، فربما يشعر بنا الفلاح ، وحينئذ لا تستطيع الركض والهرب .
إلا أن الثعلب الهزيل لم يستمع لكلام صديقه ، وأكل وأكل حتى انتفخت بطنه ، وأصبح غير قادر على المشي من كثرة ما أكل ، وبينما هما يهمان بالخروج ، تعثر الثعلب الضيف بحجر ، ووقع في كومة من الشوك ، فلم يتمالك نفسه من الألم وصرخ صرخة قوية .
تنبه الفلاح لهذا الضجيج ، واستل عصاه ، وأسرع نحو البستان ، وعرف الثعلب الذكي أن أمرهما قد انكشف ، فقال لصاحبه :
ـ أسرع يا صديقي ، فالفلاح قادم نحونا ، وسوف نموت إذا لم نستطع الخروج من هنا .
وركض الثعلبان .. كان الثعلب الذكي خفيفاً فركض بسرعة ، ونجا بجلده من الفتحة الصغيرة في جدار البستان ، أما الثعلب الطماع فإنه لم يستطع الخروج من الفتحة بسبب انتفاخ بطنه ، فظل جسده عالقاً بالفتحة حتى وصل إليه الفلاح ، وانهال عليه بالضرب وهو يصيح :
ـ اسمعوا يا ثعالب الدنيا .. الطمع عمره ما نفع .. ألا قاتل الله الطمع .. ألا قاتل الله الطمع ..
منقول