الأمانة الثّقيلة
مُنَى تِلْمِيذَةٌ ذَكِيّةٌ طَيّبَةُ الْقلْبِ مُتَعَفِّفَةٌ تُحِبُّ لِغَيْرِهَا مَا تُحِبُّ لِنَفْسِهَا يَحْسَبُهَا أَصْدِقَاؤُهَا رَغْمَ فَقْرِهَا الْمُدْقَعِ ثَرِيَّةً. فَأُمُّهَا عَلْيَاءُ تَعْمَلُ مُعِينَةً لَدَى رَجُلٍ صَالِحٍ يُدْعَى الْعَمَّ رَاشِدا ، فَفِي مُفْتَتَحِ كُلِّ سَنَةٍ دِرَاسِيّةٍ وَفِي مُنَاسَبَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ يَجُودُ عَلَى الْبِنْتِ بِأَثْمَنِ الْأدَوَاتِ وَأَجْملِ الْهَدايَا. وكَانتْ لِهَذَا الكَهْلِ الطّيِّبِ ابْنةٌ فِي مِثْلِ سِنِّهَا تُدْعَى سِيرِينَ مُتَوَاضِعَةٌ فِي مُعَامَلَاتِهَا وَمُتَعَلِّقةٌ شَديدَ التَّعلّقِ بِصِديقَـتِها مُنَى تَدرُسانِ معًا وَتَلْهُوانِ مَعًا وَتَتَجَوَّلاَنِ فِي الْمُتَنَزَّهَاتِ مَعًا . وَذَاتَ يَومٍ فَتحَتْ مُنَى حِقِيبَتَهَا فَوجَدتْ دَاخلَهَا حَافِظَةَ نُقُودٍ صَغيرةً وَفِي الْيَوْمِ الثّانِي وَجدَتْ قِطَعًا مِنَ الْحَلْوَى وَفِي الْيَومِ الثّالِثِ وَجَدَتْ حَلْيًا مُزَيّفًا أَمَّا فِي الْيَومِ الرَّابِعِ فَوَجَدَتْ مَحْمُولًا مُعَطّبًا دُونَ أَنْ تَعْرِفَ مَصْدَرَهَا . سَأَلَتْ الْبنْتُ أُمَّها وَأَهْلَهَا عَنْهَا فَعَبّرُوا لَهَا كُلُّهُمْ عن جَهْلِهِمْ لِسِرِّ وُجُودِ تِلْكَ الْأشْياءِ التّافِهَةِ . ظَلَّتِ الْبِنْتُ تُسَائِلُ نَفْسَهَا:" تُرَى مَنْ وَضَعَ فِي حَقِيبَتِهَا هَذِهِ الْهِبَاتِ؟" أَهُوَ فَاعِلُ خَيْرٍ أَمْ هُوَ ضَامِرُ شَرٍّ.؟
الجواب في قصة الأمانة الثقيلة :تأليف محمد الفاضل سليمان