البعوضة والأسد
قصّة شعريّة
محمد الفاضل سليمان
قد كان ليثا حاكـــــما متجـــبّرا *** مستهزئا متغطــــرسا متفاخرَا
يُرغي ويُزبد صارخا متـــمرّدا *** يمشي الهُويْنا في شموخ ظافرَا
كلّ الرّعيّة تنحني لـــــجلالـــه *** يعدو القـــــــــويّ خلفه متعثّرَا
إنْ جاع يزأر في الفضاء مناديا*** كلّ الفرائس في العرين لِتَحْضُرَا
يختار منها ما يطيبُ لـــــنفسه *** ضَبُعًا سمينا أو غـزالا أشقـــــرا
مُستصْغِرا كلّ الدّوابِ بنظـرةٍ *** إنْ كــــان دُبّا أو حصانا أغْبرا
مرّتْ بِقرب اللّيث يوما بَعوضة*** فرأته يسْطو غاضبا متــجبّرا
قالت له في عزّةٍ وبسـَـــــــــالة *** لا تأتِ يوما في حياتك مُنْكَرا
ثَأْر الضّعيفِ إذا تمرّدَ،حاسمٌ *** يُفني العدوِّ بلطمةٍ إنْ شَمّـــرا
قال لها الضِّرغامُ :أنت حقيرةٌ *** وأنَا قويّ باسٍلٌ لَــــــــن أُقْهَرَا
إنّي الغَضَنفرُ والعزيمةُ قوّتي *** كانت أشدَّ منْ السُيوف وأخْطرا
كلّ يَهابُ قّوّتِي وشَجاعَـــتي *** عَـنّي يَفِرُّ خائــــــــفا متقهقرا
ضحكت وقالت في افتخار نادر *** كنت العنيفَ وكنت حَقّا أخطرَا
لَكنْ ستأسفُ عن قريب نادما *** وتصيرُ قُربي باكيا مُتــــحسّرَا
سَوف تُلّقّنُ مَا صَنيعُ بعوضةٍ *** فهْي أشدّ صَلَابةً وَتَبَــــــــــصّرا