سامراء عاصمة الخلافة العباسية

سامراء (سرّ من رأى)

جاسم محمد صالح
gassim2008@gmail.com

مدينة بناها الخليفة العباسي ( المعتصم ) شمال بغداد , بعد أن حدثت مشاكل كثيرة بين جنوده الأتراك الذين كان يعتمد عليهم وبين سكان المدينة من العرب الذين اشعروا بالأسى من وجود الأتراك بينهم , وخوفا من أن تكون فتنة هناك بين الطرفين , قرر الخليفة المعتصم بن هارون الرشيد أن ينقل مقر الخلافة العباسية من بغداد التي كانت تسمى وقتها :
بـ( دار السلام) ...والانتقال إلى مكان آخر يقع شمال بغداد وعلى ضفة نهر دجلة أيضا , وبني هنالك مدينة كبيرة تسر الناظرين وتدخل البهجة الى نفوسهم ,لهذا فقد اشتق اسمها من هذا المعنى الذي كان يفكر فيه لمدينته الجديدة وسميت : ( سرّ من رأى) أي أن من يراها يصيبه السرور , ونقل إليها دوائر الدولة ومقرات الجيش والمالية وأصبحت اكبر مدينة في العالم آنذاك ... حتى تنافس بغداد بجمالها وروعتها وسعتها.

في مدينة (سر من رأى) آثار قديمة جدا تعود إلى العصر الحجري والبابلي , حيث أن مكانها هذا كان مأهولا بالسكان منذ أزمنة سحيقة جدا , لوفرة المياه وكثرة الزرع واعتدال المناخ ووقوعها على طرق المواصلات بين الشرق والعرب والشمال والجنوب .

شهدت مدينة (سر من رأى) على يد الخليفة المعتصم والخلفاء الذين حكموا بعده عزا وتقدما لا مثيل له بين مدن العراق الأخرى... والآثار التي بقيت الى وقتنا الحاضر تدل على ذلك ... فالمسجد الكبير المسمى بـ( جامع الملوية ) الذي بناه المعتصم حينما بني المدينة لا زال باقيا يصارع الزمن بارتفاعه الشاهق الى وقتنا الحاضر و الذي يعد آية من آيات الفن المعماري في هندسة وبناء المآذن الإسلامية من حيث الضخامة والارتفاع ... أما ( بيت الخليفة ) وهو المقر الرسمي للخلافة العباسية ذو الهندسة الفريدة والرقي المعماري المتميز , فانه يصور لنا شيئا عن ازدهار المدينة وتطورها في مجال البناء والزخرفة والخط والسيراميك ... وكذلك ( قصر العاشق ) و ( قصر المنقور ) و ( القبة الصليبية ) و ( جامع أبو دلف ) و( الروضة العسكرية ) في سامراء التي ترتفع فوقها قبة ذهبية ومنارتان ذهبيتان تتلألآن بوجه الشمس .

لو زرنا متحف سامراء في الوقت الحاضر لشاهدنا الكثير اللقى والآثار والتماثيل التي تساعدنا على معرفة تاريخ المدينة وحضارتها منذ أقدم الأزمنة وحتى وقتنا الحاضر , حيث تنتشر فيها المصانع والمشاريع السياحية والاروائية والزراعية والتي يقف في مقدمتها (مشروع الثرثار) المكون من خزان الثرثار والسد ذي البوابات التي تولد الطاقة الكهربائية لمناطق واسعة من العراق .

دعوني أذكركم بان خزان الثرثار هذا يمثل اكبر منخفض مائي في العراق والشرق الأوسط وهو على شكل بحيرة تمتد من جنوب الموصل وحتى شمال بغداد , وله فوائد كثيرة جدا كتربية الأسماك وتوليد الطاقة الكهربائية , والاهم من كل ذلك إنقاذ مدينة بغداد من الغرق وقت الفيضان , حيث يسرب الماء الزائد إليه... وفي الصيف يعاد الماء مرة أخرى الى نهر دجلة لسقي المزارع والبساتين في مدينة بغداد ومدن جنوب العراق , ولولا منخفض الثرثار لما تمكنا من الحصول على كل هذه الفوائد الكثيرة

.[/b]

ان(سامراء) الآن وكما قال عنها المؤرخ القزويني :

( لم يكن في الأرض أحسن ولا أجمل ولا أوسع ملكا منها )
.