قبلي
بوابة الجنوب... تفتح ذراعيها لعشاقها ..
هي مدينة حالمة... تنتصب شامخة بين احضان واحات النخيل... وسحر الصحراء.. هي بوابة من بوابات الجنوب التونسي الممتد بمناظره الخلابة ورماله الذهبية وعشاقه من سواح ومغامرين. تلك هي قبلي التي تعد من أبرز المدن والمعالم التونسية وهي المدينة التي ستحتضننا لنغوص في تاريخها العريق ونتعرف على خصوصياتها ونتمتع بجمالها وبهائها. تعود نشأة المدينة الى ما قبل التاريخ عندما كان شط الجريد بحيرة ترتادها الحيوانات لوجود المياه والنباتات ورد اسمها في العديد من المراجع العربية والاجنبية وإن اختلف المؤرخون في أصل التسمية فقد عرفت قبلي كل الحقبات التاريخية التي تعاقبت على البلاد التونسية.
أصالة وتجذر
تعد قبلي من اعرق المدن وأقدمها الا في تونس فحسب بل في شمال افريقيا اذ أن «أقدم دليل محسوس للوجود البشري في تونس وجد قرب مدينة قبلي ويرجع تاريخه لاكثر من 200 ألف سنة» وقد عرفت ومرت المدينة بفترات تاريخية هامة وأولها العهد الروماني من 146 ق.م الى غاية 439م ثم العهد الوندالي من الفترة الممتدة بين 439 م الى 534 م ثم الفتح العربي الاسلامي منذ سنة 47 هـ. وقد كانت قبلي في الزمن القديم مجرد قرية متواضعة يسكنها بعض الفلاحين البسطاء من البربر الذين تعودوا على فلاحة الارض وغراسة النخيل ويعتمدون في معاشهم أساسا على التمور التي يتعاملون بها في تجارتهم بطريقة المقايضة كثمن لاقتناء جميع احتياجاتهم من الحبوب والزيتون والبقول وغيرها كما أصبحت خاضعة للنفوذ الروماني بداية من سنة 146 قبل الميلاد الى سنة 439 ميلاديا وقد وقع الاختيار على مدينة «تريس تمالافي» لتكون مركز السلطة حيث تأسست بها بلدية وكنيسة كاثولوكية واستمر وضعها الروماني المسيحي على هذا النحو حتى فتحها عقبة بن نافع عبر غدامس في غضون عام 47 هجريا وبنى بها جامعا مازال يحمل اسمه الى الآن وفي أوائل القرن العاشر هجريا عينت السلطة العثمانية عبد الله بن بوزيد المحمودي الطرابلسي واليا على جهة نفزاوة فانتقلت السلطة بذلك من مدينة بشري الى مدينة قبلي.
أعراق وأجناس
تتميز قبلي بتنوع الأعراق فيها ويمكن اختزالها في ثلاث مجموعات عرقية رئيسية حيث تتمثل أولا في الافارقة السود الذين ارتبط وجودهم بتجارة الرق التي كانت تشتهر بها قبلي في وقت من الاوقات وثانيا البربر وهم السكان الاصليون للمنطقة الا أنهم يعتبرون أقلية مقارنة بالعرب الذين يشكلون الأغلبية جاء أغلبهم من وسط وجنوب الجزيرة العربية إبان الفتح الاسلامي لافريقية وشمال افريقيا شهدت ولاية قبلي هجرة شديدة الى أوروبا خاصة فرنسا في الخمسينات والستينات والسبعينات مما أفرز مجتمعا كاملا من المغتربين الذين لا يزالون يعودون للجهة ويشكلون عاملا مهما في تحريك الاقتصاد المحلي لولاية قبلي عموما.
السيادة الصحراوية
تحتوي قبلي على جزء كبير من شط الجريد وهو أكبر سبخة ملحية في تونس وتتميز هذه الولاية بالعديد من المناظر الطبيعية الخلابة خاصة الصحراوية منها مما جعلها قبلة هامة للسيادة الصحراوية وقد عرف القطاع السياحي انطلاقته الفعلية بالجهة مع بدء تفعيل وتشجيع مجال السياحة الصحراوية بالبلاد لتعويض الكساد الذي تشهده السياحة الشاطئية في الفصول الباردة وتعتبر دوز من ابرز الوجهات السياحية في ولاية قبلي نظرا لتوفر عدد من النزل السياحية التي أقيمت بها وتتميز جهة قبلي في الصيف بعودة عدد هام من المغتربين من ابنائها في أوروبا وفرنسا خاصة وهو ما يفعل النشاط الاقتصادي ويوفر العملة الصعبة للبلاد.
التمور: منشط اقتصادي بامتياز
تشتهر قبلي بانتاج التمور عالية الجودة يعتبر هذا المجال أهم منشط اقتصادي للجهة حيث تلعب التمور دورا كبيرا في تنمية الاقتصاد وازدهار أغلب مناطقها وقد مثلت قبلي منذ القدم مركزا لتجارة الرق الاسود المصدر لاوروبا ولئن يقوم الاقتصاد القائم بالجهة حاليا على قطاعين رئيسين هما الفلاحة والسياحة فإن قبلي تبقى بوابة للصحراء تضم واحات تشكل أهم خصوصية الجهة.
منقول
إعداد: كوثر مورية
السبت 7 نوفمبر - 12:42