ابن الجزّار القيرواني
هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد ابن الجزّار ،قد اعتبره المؤرخ التونسي حسن حسني عبد الوهاب "الدرّة الفريدة من القلادة وإحدى المفاخر الدائمة للعلوم للبلاد التونسية، بل للعالم العربي بأسره".
ولد ابن الجزّار بالقيروان حوالي سنة 284 / 898م في عائلة قد اشتهرت بالطب،إذ كان والده إبراهيم وعمّه أبو بكر ابن الجزّار طبيبين،وتتلمذ على إسحاق بن سليمان الإسرائيلي فأخذ عنه معارف كثيرة. وقد برع في علوم كثيرة وخاصة الطب والطبيعة والتاريخ والفلسفة، وقد شغله الطب بصفة خاصة ممارسة عملية وتأليفا. ومن المشهور عنه أنّه كان قد فتح في منزله عيادة لمداواة المرضى وجعل في سقيفته صيدلية. وكان يُعدّ بنفسه الأدوية والعقاقير، معتمدا في ذلك خبرته الخاصة وتجربته العلمية. وقد عاش ابن الجزّار أكثر من الثمانين سنة. فقد توفي سنة 369هـ/979 – 980 م .
ألّف ابن الجزار في ضروب شتى من العلوم والمعارف، وخاصّة في الطب والصيدلة والفلسفة والتاريخ والطبيعة والأدب، وقد ذكر له ابن أبي أصبيعة من المؤلفات سبعة وعشرين عنوانا بين كتب ورسائل.
وأوّل إحصاء شامل لكتبه قام به ح ج عبد الوهاب الذي أثبت له سبعة وثلاثين عنوانا.
وقد استدرك على هذا الثّبت الأستاذ محمد الحبيب الهيلة في مقدّمة تحقيقه كتاب "سياسة الصبيان وتدريبهم"لابن الجزّار. فأحصى كتب ابن الجزار من جديد وانتهى إلى إثبات أربعة وأربعين عنوانا منها 12 عنوانا موجودا و32 عنوانا مفقودا.
فقد نسب إلى ابن الجزّار كتابا بعنوان: "المعتمد في الأدوية المفقودة" وأيضا كتابا بعنوان "كتاب المالبخوليا" وكتاب"زاد المسافرين في علاج الفقراء والمساكين" ونريد الاكتفاء بإضافة كتابين آخرين لم يذكرهما أحد من القدماء أو المحدثين وهما كتاب في "الحيوان" وكتاب في "مصالح الأغذية"ذكرهما ابن الجزّار في خاتمة كتاب "الاعتماد" وقد ألفه في زمن الخليفة الفاطمي القائم بن المهدي الذي أهداه إليه.
قسّم ابن الجزار كتابه "الاعتماد" إلى أربع مقالات، ونهج طريقة تعتبر في عصره مستحدثة بحق، وهي ترتيب الأدوية حسب درجات قواها وهي أربع : "الأولى والثانية والثالثة والرابعة "، وهذا الترتيب يدّل – بلا شك- على مدى إدراك ابن الجزّار لقوى الأدوية ومعرفته بمختلف خصائصها بل إننا نذهب إلى اعتبار كتاب "الاعتماد" أول كتاب يؤلف بالعربية في موضوع الأدوية المفردة بطريقة منهجية ولا تخلو من تعقيد ومعاناة شديدة.
وتتمثّل أهمية ابن الجزار الطبية بدون شك في كتابه "زاد المسافر" الذي عرف شهرة كبيرة جدّا منذ فترة مبكّرة، فترجم إلى اليونانية وتعاقبت ترجماته العبريّة واللاتينية.
ولقد أطنب الباحثون في الحديث عن قيمة الكتاب وحلّلوا محتوياته وبيّنوا تأثيراته في الطبّ القديم وخاصة بأوروبا في القرون الوسطى، حتى أنه أصبح بمثابة الكتاب المدرسي المتداول (مانيال) وكأنه لا غنى لأحد من الأطباء والمتعلّمين عنه.
إن موضوع "زاد المسافر" هو الأمراض ذاتها وكيفية معالجتها بالأدوية، مفردة كانت أو مركّبة.
وقسّم ابن الجزار هذا الكتاب إلى سبع مقالات مقسّمة بدورها إلى أبواب حسب أمراض الجسم:
المقالة الأولى : وهي في "الأدواء والعلل التي تعرض في الرأس".
المقالة الثانية: وهي في "الأدواء التي تعرض في الوجه".
المقالة الثالثة: وهي في "الأدواء التي تعرض في آلات التنفّس".
المقالة الرابعة: وهي في "الأدواء التي تعرض في المعدة والأمعاء".
المقالة الخامسة: وهي في" الأدواء التي تعرض في الكبد والكلى".
المقالة السادسة: وهي" التي تعرض آلات التناسل".
المقالة السابعة وهي في "الأدواء التي تعرض في داخل الجلد".
المرجع: كتاب: "بحوث في تاريخ الطبّ والصيدلة عند العرب"
تأليف الدكتور إبراهيم بن مراد
منقول